يقول علماء وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إنهم التقطوا صوراً لأشجار على سطح المريخ! وتُظهر الصور صفوفاً من الأشجار الصنوبرية الغامقة بين الكثبان والتلال الموجودة على سطح الكوكب. وتبين الصور كثبانا رملية مغطاة بطبقة رقيقة من ثاني أكسيد الكربون المجمد، وهذه الأشجار هي في الواقع آثار حطام سببته انهيارات أرضية كما يحدث عند ذوبان الجليد على سطح المريخ في الربيع. إن التشابه بين صورة الكثبان الرملية على الأرض وصورة الكثبان على المريخ هو أحد الشواهد على أن الخالق واحد عز وجل! وهو القائل: (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) [الرعد: 16].
إن مثل هذه الصورة تُظهر مدى ضعف المعلومات التي توصل إليها الإنسان حتى الآن، فمع أن كوكب المريخ هو الأقرب إلى الأرض إلا أن العلماء لا زالوا عاجزين عن فهم حقيقة هذا الكوكب وماذا يوجد على سطحه. ولكن هل تكون مثل هذه الصور دليلاً على قدرة الخالق عز وجل ووسيلة للإيمان به؟ يقول تعالى: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآَيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ) [يونس: 101].
حقائق عددية تثبت أن القرآن لم يُحرَّف
بعض الناس يعتقدون أن القرآن الذي بين أيدينا اليوم ناقص وأنه كان يحوي عدداً كبيراً من الآيات التي تم إخفاؤها... فهل يمكن للغة الأرقام أن تثبت خطأ هذا الاعتقاد؟....
يدّعي بعضهم أن القرآن محرَّف! فسيدنا عثمان رضي الله عنه أحرق الكثير من المصاحف عندما قام بجمع القرآن، ويقولون: إنه أحرق كل شيء لا يتناسب مع أفكاره وآرائه... وبالتالي ضاع الكثير من كلام الله، فهل يمكن لهذا الرأي أن يكون صحيحاً؟ وهل يمكن للأرقام أن تثبت أن القرآن وصلنا سليماً وكاملاً كما أنزله الله تعالى دون زيادة أو نقصان؟
أيها الأحبة! في هذه المقالة لن نستخدم لغة الخطاب أو العاطفة، بل سنعتمد لغة الأرقام القوية التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يشكك فيها. لأن التحريف يعني اختلاف الأرقام ونقصانها، وبالتالي لا يمكن أن نجد معجزة عددية محكمة في كتاب ناقص أو محرّف!
وإذا وجدنا أن أعداد الآيات والسور والكلمات والحروف منضبطة بحساب عددي دقيق، فهذا دليل على أن القرآن كامل كما وصفه رب العزة بقوله: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [فصلت: 42]. وهو إثبات مادي على أن الله قد حفظه من التحريف مصداقاً لقوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر: 9].
ما هو النظام العددي المناسب لهذه المعجزة؟
كلما يعلم أننا لكي نحفظ "وثيقة سرية" من التبديل لابد من استخدام نظام تشفير محدد. وبما أن الله تعالى أراد حفظ كتابه ووصوله لنا كما أنزل، فالطريقة المثالية أن يضع فيه نظاماً عددياً، ويخفي هذا النظام عن عباده حتى يأتي العصر المناسب فيسخّر الله من عباده من يستخرج هذا النظام، ويثبت للعالم أن القرآن الذي بين أيدنا اليوم هو ذاته الذي أنزله الله على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
والنظام العددي ينبغي أن يقوم على رقم محدد (مثلاً يعتمد الكمبيوتر في عمله على النظام الثنائي)، وبالنسبة لكتاب الله تعالى فإن الرقم المناسب هو الرقم "سبعة" لأسباب عديدة أهمها أن الله تعالى وضع نظاماً في الكون يقوم على الرقم سبعة، فكل ذرة من ذرات الكون تتألف من سبع طبقات. والأرض التي نعيش عليها تتألف من سبع طبقات، والسماء التي فوقنا تتألف من سبع سموات...
والقرآن يبدأ بسورة هي أعظم سورة وهي تتألف من سبع آيات (وهي السبع المثاني)، وأول رقم ذُكر في القرآن هو الرقم سبعة في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة: 29]. والطواف سبعة أشواط، والسجود يجب أن يكون على سبعة أعضاء... ومن جحد هذه الحقائق فإن جزاءه جهنم ذات الأبواب السبعة، يقول تعالى: (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) [الحجر: 44].
وبالتالي عندما يحدث أي تحريف أو زيادة أو نقصان فإن هذا النظام سيختل، ولن نحصل على أي نظام عددي. أي أن وجود نظام يشمل آيات القرآن وسوره وكلماته وحروفه هو الدليل المادي في هذا العصر على أن القرآن لم يحرّف.
فكرة المعجزة الجديدة
تعتمد فكرة هذه المعجزة العددية على مبدأ بسيط جداً، وهو أننا عندما نقوم "بصفّ" الأعداد التي تعبّر عن السور أو الآيات أو الكلمات أو الحروف، فإن الأعداد الناتجة دائماً تقبل القسمة على سبعة من دون باق، أي أن هذه الأعداد من مضاعفات الرقم سبعة!
أما طريقة عدّ الكلمات والحروف فهي سهلة جداً وتعتمد على الحروف كما نراها مرسومة في كتاب الله تعالى دون اعتبار العلامات التي جاءت لاحقاً مثل الهمزة والمدّ والشدة ...، أي نعدّ الحروف حسب الرسم الأول للقرآن كما كُتب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا يثبت أن الصحابة الكرام لم ينقصوا أو يزيدوا حرفاً واحداً في كتاب الله، ولو حدث ذلك لاختفى النظام العددي الذي أودعه الله في هذا القرآن.
إثبات أن عدد الآيات والسور لم يُحرَّف
كلنا يعلم أن عدد سور القرآن هو 114 سورة، وعدد آيات القرآن هو 6236 آية. وبالطبع نعتمد على المصحف الموجود بين أيدينا وهو مصحف المدينة المنورة. أما ما يُسمّى بقراءات القرآن فهذا موضوع آخر وفيه إعجاز ليس محله هنا. وهناك عدد مهم أيضاً لا يمكن تجاهله وهو عدد سنوات نزول القرآن وهو 23 سنة.
لقد أودع الله في هذه الأعداد الثلاثة نظاماً عددياً يعتمد على الرقم سبعة بطريقة مدهشة. فعندما نقوم بصفّ هذه الأعداد بترتيب محدد (الأكبر فالأصغر) ينتج عدد كيفما قرأناه نجده من مضاعفات الرقم سبعة، وإليكم شرح هذا المثال.
بلغة الكلمات نقول: إن الله تعالى أنزل سور القرآن الـ 114 في 23 سنة.
بلغة الأرقام نكتب: إن العدد الناتج من صف العددين 114 و 23 هو 23114 هذا العدد من مضاعفات السبعة بالاتجاهين.
فعندما نقرأ العدد من اليسار إلى اليمين يكون 23114 = 7 × 3302
وعندما نقرأ العدد من اليمين إلى اليسار يكون 41132 = 7 × 5876
لاحظوا معي أن الأعداد الناتجة صحيحة ولا يوجد فيها كسور، ويمكن القول لو حدثت زيادة أو نقصان في عدد سور القرآن لاختل هذا النظام. ولكن قد يقول قائل: ما الذي يضمن لي أن هذا النظام لم يأت بالمصادفة؟ الجواب أن هذا النظام ينطبق على عدد الآيات أيضاً!
ونقول بلغة الكلمات: إن الله تعالى أنزل آيات القرآن الـ 6236 في 23 سنة.
أما بلغة الأرقام فنضع الأرقام فقط: 6236 و 23 ويصبح العدد الناتج من صف هذين العددين هو 236236 وهو من مضاعفات الرقم سبعة بالاتجاهين أيضاً.
فعندما نقرأ العدد من اليسار إلى اليمين يكون 236236 = 7 × 33748
وعندما نقرأ العدد من اليمين إلى اليسار يكون 632632 = 7 × 90376
والآن لو قلنا بلغة الكلمات: إن الله أنزل 6236 آية ووضعها في 114 سورة.
يمكن أن نعبر عن هذه الحقيقة بلغة الأرقام ونضع الأرقام فقط: 6236 و 114 ويكون العدد الناتج من صف هذين العددين هو 1146236 وهو عدد مؤلف من سبع مراتب وهو من مضاعفات الرقم سبعة بالاتجاهين.
فعندما نقرأ العدد من اليسار إلى اليمين يكون 1146236 = 7 × 163748
وعندما نقرأ العدد من اليمين إلى اليسار يكون 6326411 = 7 × 903773
وهنا يمكن القول لو فكر أحد الصحابة أو من جاء بعدهم بإضافة آية أو حذفها لاختلت المعادلات السابقة، ولذلك فإن هذه المعادلات دليل على أن القرآن لم يحرّف.
انظروا معي أيها الأحبة كيف تتكرر القاعدة ذاتها في جميع الحالات، وهذه لا يمكن أن تكون مصادفة، لأن المصادفة لا تتكرر بهذا الشكل، بل هو إحكام إلهي أودعه الله في كتابه ليكون برهاناً لكل من في قلبه شك من هذا القرآن.